العلاج المناعي المتقدم
الأورام الدبقية النجمية هي نوع شائع من سرطان الدماغ حيث يصيب الأطفال والبالغين على حد سواء. يتطور هذا النوع من الأورام من خلايا تُعرف بالخلايا النجمية، وهي خلايا تلعب دورًا مهمًا في دعم الخلايا الدماغية الأخرى. وفقًا لتصنيف منظمة الصحة العالمية لأورام الدماغ، تتراوح الأورام الدبقية النجمية من الدرجة 1 (الأكثر حميدًا) إلى الدرجة 4 (الأكثر خُبثًا).
تعتمد التوقعات المتعلقة بالأورام الدبقية النجمية على درجة الخُبث: ففي أكثر الحالات خطورة (الدرجة 4)، يكون متوسط البقاء على قيد الحياة حوالي 15 شهرًا.
أنواع الأورام الدبقية النجمية
تُصنَّف الأورام الدبقية النجمية إلى 4 درجات:
- الدرجة 1: الورم النجمي الشعري – ورم ينمو ببطء ويصيب غالبًا المخيخ دون أن يغزو الأنسجة الأخرى بعمق.
- الدرجة 2: الورم النجمي المنتشر – ورم غازي قد ينتشر إلى أنسجة دماغية مختلفة، لكنه قد يؤثر أيضًا على الأنسجة السليمة.
- الدرجة 3: الورم النجمي الكشمي – ورم عدواني ينمو بسرعة.
- الدرجة 4: الورم الأرومي الدبقي – الشكل الأكثر خبثًا وعدوانية وانتشارًا من الأورام الدبقية النجمية.
طرق العلاج التقليدية
تشمل الطرق التقليدية لعلاج الأورام الدبقية النجمية إزالة الورم جراحيًا، يتبعها العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي باستخدام تيموزولوميد.
- الجراحة: تُعد الإزالة الجراحية للورم الخيار العلاجي الأول لورم الدماغ النجمي. قد تكون الجراحة كافية لعلاج الأورام من الدرجة 1، لكنها حل معقد ليس من الممكن دائمًا تنفيذه. على سبيل المثال، إذا كان الورم في موقع يصعب الوصول إليه أو كان حجمه كبيرًا جدًا، فقد لا يكون من الممكن إزالته بالكامل دون إلحاق الضرر بالمراكز الحيوية في الدماغ.
يمكن أن تؤدي الجراحة إلى إعاقات (مثل ضعف في النطق أو شلل كامل أو جزئي) أو تقلل بشكل كبير من جودة الحياة. في حالة تكرار الورم، فإن العمليات الجراحية اللاحقة تحمل نفس خطر المضاعفات. - العلاج الكيميائي: يُوصى بالعلاج الكيميائي باستخدام تيموزولوميد أو مزيج من بروكاربازين + لوموستين + فينكريستين بعد الجراحة لعلاج الأورام الدبقية النجمية من الدرجة 2-4. وعلى الرغم من تحمل هذا العلاج بشكل جيد من قبل المرضى، إلا أنه لا يزيد من البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل في حالات الأورام الدماغية عالية الخبث. ومع ذلك، أظهرت الدراسات الحديثة أن المرضى المصابين بسرطان الدماغ لا يحتاجون إلى إيقاف العلاج الكيميائي للخضوع للعلاج المناعي، بل إن الجمع بين الطريقتين قد يزيد من البقاء على قيد الحياة.
- العلاج الإشعاعي: كان العلاج الإشعاعي الركيزة الأساسية لعلاج الأورام الدبقية النجمية خلال الخمسين عامًا الماضية، وهو فعال للغاية، على الأقل خلال الأشهر الأولى بعد العلاج. يقوم العلاج الإشعاعي بتدمير الحمض النووي للخلايا الورمية، مما يؤدي إلى موتها. ومع ذلك، يؤثر الإشعاع أيضًا على الخلايا السليمة، مما قد يؤدي إلى تلف أنسجة الدماغ وتطور إعاقات إدراكية، بالإضافة إلى آثار جانبية أخرى مثل تساقط الشعر وضعف العضلات. لذلك، نوصي باستخدام العلاج الإشعاعي بالتزامن مع العلاج المناعي أو إجراء العلاج المناعي فورًا بعد دورة العلاج الإشعاعي لتحسين توقعات الأورام الدبقية النجمية.
العلاج المناعي للأورام الدبقية النجمية
يُعد العلاج المناعي أحد أكثر السبل الواعدة في علاج سرطان الدماغ، بما في ذلك الأورام الدبقية النجمية والأورام الأرومية الدبقية. بعد استخدام الطرق العلاجية التقليدية مثل الجراحة أو العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي، يصل بعض المرضى إلى مرحلة “المرض المتبقي الأدنى”. تعني هذه المرحلة بقاء عدد قليل من الخلايا السرطانية في الجسم، لكنها لا تعني الشفاء التام.
يمكن أن يتطور الورم الدبقي النجمي مرة أخرى حتى من خلية سرطانية واحدة متبقية. كما أن الخلايا الورمية قد تصبح مقاومة للطرق العلاجية التقليدية، مما يؤدي إلى استمرار نمو الورم الدبقي النجمي رغم العلاج الكيميائي أو الإشعاعي. في مثل هذه الحالات، يصبح العلاج المناعي الخيار العلاجي الأفضل، حيث يفتح آفاقًا جديدة لتدمير السرطان حتى في الأورام المتقدمة.
الفيروسات الموجهة للأورام
طريقة جديدة وواعدة في علاج الورم الدبقي النجمي هي استخدام الفيروسات الموجهة للأورام. هذه الفيروسات آمنة للبشر، حيث تهاجم فقط الخلايا الورمية وتترك الخلايا السليمة دون ضرر. تعمل الفيروسات عبر مسارين: مباشر وغير مباشر.
- المسار المباشر: من خلال اختراق الخلية الورمية، تُحدث هذه الفيروسات موتًا مبرمجًا (الاستماتة). بعد موت الخلية، تدخل الجزيئات الفيروسية إلى مجرى الدم، حيث تهاجم خلايا ورمية أخرى.
- المسار غير المباشر: تحفز الفيروسات الموجهة جهاز المناعة الخاص بالمريض لمحاربة الورم. تلتصق الفيروسات بالخلايا الورمية وتعمل على “وضع علامات” عليها، مما يساعد جهاز المناعة على التعرف عليها وتدميرها.
في مركز بيوثيرابي انترناشونال، نُجري إدخال الفيروسات الموجهة ليس فقط عن طريق الوريد أو الأنف، ولكن أيضًا مباشرة إلى الورم الخبيث نفسه. يمكن إجراء هذا الإجراء أثناء جراحة إزالة الورم الدبقي النجمي أو باستخدام جهاز أوميا – أنبوب يصل إلى البطين الدماغي. يُتيح إدخال الفيروسات مباشرة إلى الورم حيث يمكن تحقيق أقصى فعالية، حيث لا تحتاج الفيروسات إلى عبور الحاجز الدموي الدماغي، ويمكنها التأثير مباشرة على الورم.
لقاحات الأورام الدبقية النجمية
تُعد لقاحات السرطان طريقة أخرى للعلاج المناعي تعتمد على تدريب جهاز المناعة الخاص بالمريض للتعرف على الخلايا الخبيثة وتدميرها. في هذه الحالة، يعمل جهاز المناعة بطريقة مشابهة لاكتشاف أي عامل مسبب للعدوى. نصنع لقاحات السرطان بشكل فردي لكل مريض باستخدام عينات من أنسجة الورم التي يتم الحصول عليها أثناء الجراحة. ولتمكين هذا النوع من العلاج، نوصي بتجميد عينات الورم في بنك الأورام الخاص بنا.
توقعات سير المرض
تختلف التوقعات بالنسبة للأورام الدبقية النجمية حسب درجة الخُبث. بالنسبة للورم النجمي الشعري، تكون التوقعات جيدة: معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات هو 96%. بالنسبة للورم النجمي المنتشر، يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة 8 سنوات، بينما يكون للورم النجمي الكشمي 3-5 سنوات فقط بعد التشخيص. أما الورم الأرومي الدبقي، فيُعد الأكثر خطورة: متوسط البقاء على قيد الحياة يصل إلى 15 شهرًا فقط بعد التشخيص.
يتمتع مركز مركز بيوثيرابي انترناشونال بخبرة واسعة في علاج أنواع مختلفة من سرطانات الدماغ، بما في ذلك الأورام الدبقية النجمية بمختلف درجات خُبثها. منذ حوالي 30 عامًا، بدأنا لأول مرة في تطبيق طرق علاجية مناعية تجريبية لعلاج سرطان الدماغ، وفي ذلك الوقت، تمكن حوالي عشرة مرضى، حتى من المصابين بأعلى درجات الورم الدبقي النجمي، من تحقيق شفاء تام. يعيش عدد منهم حتى الآن دون عودة المرض، بعد أكثر من 20-30 عامًا من العلاج.